قضى بركات يسري، 55 عامًا، سنوات طويلة من عمره متمسكًا بفن الخيامية، تلك الحرفة اليدوية التي عشقها دون الشعور بالملل على الرغم من صعوبتها، واندثارها مع مرور الوقت، إلا أنها كانت ولا زالت مصدر رزقه. كما شاركته زوجته في مهنته. لم يمل بركات على الرغم من جلوسه بالساعات والأيام لأن ينتج قطعة واحدة، لكن حينما يراها في شكلها النهائي، يتناسى تعبه ومجهوده.
الأقمشة في يده اليمنى، والإبرة والخيط في يده اليسرى، هكذا ترى بركات وهو جالسًا في دكانه الصغير في منطقة البساتين، ولم يكن اختيار رسوماته عشوائية، إنما يرصد من خلال فن الخيامية، تاريخ مصر، فبعضها يعود للعصر الفرعوني، والبعض الآخر للعصر الإسلامي، بقصصهم المصورة، وبالخيوط الرفيعة الملونة بألوان زاهية، وغيرها من الرسومات الأخرى من بينها مشاهد من الطبيعة أو الحيوانات أو المساجد القديمة، مستكملاً بذلك مسيرة آبائه وأجداده فى مهنة الخيامية.
وعلى الرغم من بساطة عم بركات، إلا أن أنامل يديه تتحدث عن موهبته، ليسرد في حديثه للمصري اليوم عن الطرق التي يستلهم منها أشكال ورسومات فن الخيامية، ليقول: «من خلال الكتب التاريخية أو الكتب اللى فيها الزخارف الإسلامية والرسومات الهندسية، بأقدر أستوحى منها الرسومات وأنفذها، إلى جانب إنى اتعلمت حاجات كتيرة بالفطرة من والدي إللى كان فنان كبير فى المهنة، وكان بيرسم بنفسه الرسومات وبينفذها، كل اللى بيشتغلوا فى الحرفة دى يقدروا ينفذوا، لكن مش الكل بيعرف يرسم لأن الرسم ده موهبة من عند ربنا».
موهبة عم بركات، جعلته يتميز وسط الكثيرين من نفس المهنة، أو المهتمين بالحرف اليدوية، ويعرض بركات منتجاته في مكانه المفضل، أمام باب زويلة بالقرب من منطقة «تحت الربع» يقع شارع الخيامية، كما أنه يعرض مشغولاته في مختلف المعارض التي تقيمها مصر من بينها معرض تراثنا وديارنا، كما أنه سافر لمختلف دول العالم وشارك في المعارض التي تقام هناك، من بينها دول الإمارات والسعودية وألمانيا والمغرب.
يستمر عم بركات دائمًا في البحث عن كل ما هو جديد وما يناسب متطلبات العصر، وتناسب جميع الفئات والأذواق، فتجده ينتج مشغولات يدوية مثل: «شنط الخيامية والخدادايات والمفروشات والتابلوهات والملابس واللوحات». أما عن أسعار مشغولاته، يقول بركات: «ممكن تبدأ من 50 إلى 60 جنيه، أما المشغولات الأخرى الي فيها تطريز وتفاصيل كتيرة خاصة التاريخية سعرها بيكون أغلى لأنها بتاخد وقت ومجهود كبير».
